#جمعية_البر_الخيرية_بسنابس
*تقرير : سجى الحريري *
*تصوير : * غدير آل فسيل
*في بر سنابس، الاختصاصي آل عجيان للآباء: المخطوطات المعرفية تتشكل في الطفولة فأشبعوا أبناءكم عاطفيًا*.
أشار الاختصاصي النفسي آل عجيان إلى أن الطفولة هي أول وأخطر مرحلة تتكون فيها صورة الفرد عن نفسه، ونقل عن فرويد قوله: (الطفل أبو الرجل) بمعنى: إن الرجل الراشد الذي نراه اليوم هو نتاج طفولة وتربية. وذكر أن فرويد كان يتكلم عن الأربع سنوات الأولى من حياة الطفل، مؤكدًا أن هذه الطفولة تحتاج لأن تمتلئ بالعناية والحب والإيجابية وكلمات الثناء من الوالدَين لكي نحمي هذا الطفل من تشكل مفاهيم خاطئة عن ذاته أو عن العالم أو عن الناس.
كان ذلك في واحدةٍ من المحاضرات الأسبوعية التي ينظمها مركز سنا للإرشاد الأسري التابع لجمعية البر الخيرية بسنابس تحت مظلة البرامج التثقيفية التوعوية في مجال التربية والتوجيه والإرشاد الأسري والاجتماعي، قدمها الاختصاصي النفسي فيصل آل عجيان يوم الثلاثاء 16 ربيع الآخر 1445هـ بمقر الجمعية الجديد بسنابس تحت عنوان (المخطوطات المعرفية والطفولة) وكانت موجهةً للآباء والأمهات والمهتمين بالتربية والتوجيه.
استهل الاختصاصي آل عجيان محاضرته بشكر جمعية البر بسنابس لدعوته لتقديم المحاضرة مع أمنيات بعرض ما يفيد للحضور. ذكر بعدها أن علم النفس يضم عدة مدارس ومن أشهرها المدرسة المعرفية والتي بدورها توجد داخلها كذلك عدة مدارس فرعية أخرى. حيث قال: المدرسة المعرفية تتعامل مع الأفكار غالبًا وتشبِّه عقل الإنسان بالحاسب الآلي (الكمبيوتر) حيث إن استجابة الفرد هي نتيجة لتفكيره فهو يدرك ويتخذ قرارًا بعد هذا الإدراك والتفكير.
وبسّط المخطوطات المعرفية واصفًا إياها بأنها قالب لفهم الأمور؛ حيث يضع الإنسان نفسه ضمن هذا القالب الذي يتشكل في مرحلة الطفولة. ثم استعرض تعريف المخطوطة المعرفية اللاتكيفية وفق نظرية المدرسة المعرفية لعلم النفس للعالم النفسي(Young, Et. Al) على إنها عبارة عن أنماط سلوكية لها صفة الثبات والاتساع والعمق، تتعلق بأفكار الفرد عن ذاته وعلاقته بالآخرين وتتطور وتنمو خلال مرحلة الطفولة وتمتد للمراحل العمرية التي تتبعها من حياته.
وبين آل عجيان إنه خلال مرحلة الطفولة والمراهقة تبنى لدى الطفل قوالب يحكم على ذاته والآخرين بناء عليها، وهذه القوالب يمكن تشبيهها بما يعرف بالفلتر. وقال: إن الطفل كما نعرف غير قادر على الفهم الدقيق لما حوله، هو يرصد بدقة ويحلل لكن تحليله قد يخطئ في كثير من الأحيان،ومن ذلك قسوة الأب وعصبيته الغير مفهومة بالنسبة للطفل قد تفقده الشعور بالأمان فيرى الجميع أشرار.
وأرجع اختلاف استجابات الأفراد لاختلاف إدراكهم وتفكيرهم ولو كان المؤثر واحدًا، وكذلك قد تختلف الاستجابة لدى الفرد نفسه تجاه نفس المؤثر ولكن باختلاف التوقيت. ووضح إننا كبشر غالبًا لا ننظر للأمور بموضوعية بل بشيء من التحيز والفلترة فقد تقبل من صديقك كلمة لكنك ترفضها من الغريب، لماذا يحدث ذلك؟ لأنك تفلتر وهذا غالبًا ما يحدث للطفل عندما يفهم خطأ بعض المواقف.
من جهته أجاب آل عجيان عن سؤال (كيف تتشكل المخطوطات المعرفية؟) قائلاً: تشير البحوث إلى أن المخطوطة غير المتكيفة تتطور بالسنوات الأولى من حياة الفرد ليس فقط بسبب صدمات نفسية جنسية أو صراع ولكن بسبب كون الطفل في مرحلة نمو لم تتطور فيها قدرته على استخدام اللغة أو التفكير التصوري بالقدر الذي يمكنه من التعامل المناسب مع ما يدور حوله.
ووجه الوالدين لضرورة التنبه إلى تعليقاتهم السلبية على أشكال أبنائهم لئلا ترسخ في أذهانهم وتسبب لهم عقدًا مستقبلية تأخذهم للجوء إلى عمليات التجميل رغم انتفاء حاجتهم لها.
وأكد أنه كما توجد سمات جسدية يخلق بها الفرد كذلك توجد سمات نفسية مثلها فنجد في طرف شخصاً متشائمًا كثير الضجر لا يستمتع بأي لحظة، يلتقط النقاط السوداء التي تجعل المباهج غير مكتملة. وعلى النقيض منه يوجد شخص آخر يفرح بأقل شيء ويلتقط أي شيء يجعله سعيدًا؛ وذكر إن هذه الاختلافات في الطباع تؤثر أيضًا في تكوين المخطوطات والقوالب لدى الأشخاص وتعتبر من المؤثرات الداخلية. أما الخارجية فتشمل الوالدين، المعلمين والبيئة.
كذلك عدد المجالات الخمسة للمخطوطات وفق خمس حاجات عاطفية أساسية غير مشبعة تندرج تحتها عدة مخططات أخرى ببعض التفصيل: أولاً/ الانفصال والرفض، ثانياً/ قصور الاستقلال الذاتي وضعف الأداء، ثالثاً/ ضعف القيود أو الحدود، رابعًا/ التوجه نحو الآخرين، خامسًا/ الحذر الزائد أو الكبت.
وعرض من جملة نصائحه الموجهة للوالدين إن الإشباع العاطفي مهم جدًا للأبناء، وقال: اعمل على تقوية ثقة أبنائك بأنفسهم واجعلهم يتحملون المسؤولية ويعتمدون على أنفسهم. ابتعد عن ألفاظ مثل: (يا تلخ، وليش ما تفهم!) لئلا تعلق بأذهانهم ويرسخ عندهم إنهم عديمو النفع. اغرس في ابنك عدم ربط قيمته الذاتية بالآخرين وقُل له (ليس من الضروري أن يقبلك الجميع). امنح ابنك الحرية في التعبير عن رأيه وعن مشاعره الداخلية دون قيود وتوجيه.
ثم تطرق الى ذكر استراتيجيات التدخل العلاجي وطرق تقديم الخطط العلاجية للسلوكيات المعرفية الخاطئة والتي تتكون من عدة أساليب منها: اختبار صحة المخطوطة بالحوار والحديث الصريح، إعادة صياغة الأدلة الداعمة للمخطط، تقييم مزايا وعيوب وأساليب التكيف للمخطوطة، بالإضافة إلى التدرب على فنيات التخيل واللجوء إلى المقاييس النفسية التي تبين مستوى الأثر النفسي على الشخص.
وسبق الختام مشاركة الجمهور لتمرين يهدف إلى محاولة فهم كيفية تكوّن الأفكار لدى الأفراد. وفي ختام المحاضرة جدّد الاختصاصي آل عجيان شكره للجمهور الحاضر ولجمعية البر الخيرية بسنابس، وتم تكريمه من قبل رئيس الجمعية حسين أبو سرير.